رواية تتمحور حول أسرة صغيرة مكوّنة من زوجين وولديهما “وردة” و”رامي”، وتجاربهما خلال وبعد حرب تموز 2006 التي شنتها إسرائيل على لبنان طيلة 33 يومًا…

يقسّم المؤلف روايته إلى عدة فصول، حيث يختلف الراوي بين فصل وآخر. فحينًا تروي الابنة الأحداث وحينًا آخر والدها أو والدتها أو أخوها رامي أو حتى الكلب! لذلك لا تخلو الرواية من الطرافة في بعض الأحيان، خصوصًا عندما يروي أحداثها الكلب أو حتى الدمية (السعدان دهشان). وهنا، تبرز براعة إدريس في تأليف رواية عن الحرب والدمار بأسلوب مناسب للفتيان والأجيال الصاعدة، لا يؤذي العقول الصغيرة ولا يحطم قلوبهم… فالكتاب مؤثر في بعض المشاهد التي ينقلها الكاتب خاصّة في ما يتعلّق بأمور النازحين كقصة (حوراء)، الفتاة التي كادت أن تفقد أمّها خلال الحرب. وفي الوقت نفسه، تتميّز بعض الأحداث بالطرافة التي تجعلك تبتسم عند قراءتها…
تنتقل الرواية من مشاكل بين الزوجين تسبّب قلقًا لابنتهما، إلى مشاكل الحرب والنازحين الذين راحت أسرة “وردة” تهتم بأمورهم وتساعد في تأمين المواد الغذائية والملابس والحاجيات لهم خصوصًا النازحين منهم الذين افترشوا حديقة الصنائع كمأوى موقّت. فنلاحظ هنا كيف يعمد الكاتب إلى حثّ الشباب على التضامن مع الأهالي النازحين وزرع مشاعر التعاطف والإنسانية في نفوسهم، كما ينمّي لديهم حسّ المسؤولية تجاه أبناء البلد المحتاجين والمظلومين.
كما يطرح الكاتب عدّة قضايا هامة أخرى من صلب واقع حياة المواطنين الراشدين والصغار على حد سواء، منها قضية الطلاق التي تقلق الأبناء، والطائفية والزواج المختلط، وحتى مرحلة البلوغ وبداية مشاعر الحب بين الشاب والفتاة في مقتبل العمر… كل تلك القضايا يعالجها إدريس بأسلوب سلس وقريب من عقول الفتيان والفتيات في قالب بسيط من دون تعقيد أو مبالغة في عرضها.
يستخدم الكاتب إدريس لغة سهلة المفردات تتميز بالسلاسة والانسيابية، تناسب الفئة العمرية التي يتوجه إليها (11- 14 سنة). ويبتعد عن استخدام أي ألفاظ أو مفردات معقدة أو صعبة. حتى إنه أحيانًا يستخدم تعابير بالعامية وذلك لكي يكون أسلوبه محببًا لدى اليافعين… مثل هذه العبارة: “واو! يا عيني عليكن يا بيت الصافي! كله تمام، وجديد، … وخلنج!”؛ أو “داليا النقّاقة صارت تعجبك، وكنت تقولين إنها بومة لا تضحك للرغيف السخن؟”.
يخلو الكتاب من أي رسوم باستثناء رسم الغلاف بريشة عمر خوري، وهو رسم جميل وعصري يناسب أذواق اليافعين.
كتاب جميل لما فيه من مشاعر إنسانية مؤثرة تجعلك تحبّ كل شخصيّات القصّة وتتمنى لو كانت حقيقيّة للتعرّف إليها شخصيًّا! أسلوب الكاتب سلس ولا يخلو من طرافة تشدّنا أكثر إلى قراءة الرواية حتى النهاية…
سلوى