فاكهة تقليدية ومتواضعة كالموزة يحوّلها سماح إدريس إلى موضوع مسلٍّ ومضحك في كتاب مصوّر ظريف وخفيف. يخبرنا أسامة، ولد شقيٌّ وهو بطل سلسلة “ولد من بيروت”، من أول صفحة في الكتاب أنه يكره الموز ويحيل بسلاسة إلى قصة أخرى في السلسلة عندما يخبرنا أنّ الموز أسوأ من الكوسى باللبن بالنسبة إليه. لم يستطع والدا أسامة إقناعه بأكل الموز حتى جاء يوم وطلبت الطبيبة ذلك، مما نتج عنه اتفاق بين الوالدين وأسامة أنه سيحصل على ألف ليرة كل مرة يأكل موزة.

لم يتمكن أسامة من الامتثال لوعده، فهي مقرفة! وهو طبعًا “ملعون ومهضوم” ويريد أن يحصل على مكافأة الألف ليرة التي تشتري له بوظة من دون أن ينفذ وعده. والنتيجة كانت أنه قام بفعلة انتهى باكتشافها الوالدان: فقد توارى عن الأنظار متظاهرًا بأكل الموزة على مهل ورماها في سلة المهملات ثمّ غطّاها بأوراق الجريدة. النهاية كانت طريفة جدًّا في اليوم التالي وما نتج عن فعلته.
القصة، على بساطتها، ممتعة ومسلية على الرغم من تطرقها إلى موضوع الصحة والتغذية المتوازنة. يمكن الجزم بأنها ممتعة للكبار أيضًا، كما تفتح المجال للحديث الصريح بين الكبار والصغار الأشقياء على فعلاتهم (إن وجدت)، ومفهوم الوعد والمكافآت، بالإضافة إلى الصحة والتغذية. ومع أنّ أسامة يخسر في نهاية القصة، فالأسلوب بعيد كل البعد عن الوعظ، بل إنّ القصة هي عبارة عن لعبة حذاقة بين الأهل وأسامة.
يستخدم سماح إدريس أسلوبًا لغويًّا بسيطًا وقريبًا جدًّا إلى اللهجة المحكية اللبنانية ويستخدم كلمات صحيحة اتخذت معانٍ محدّدة في اللهجة اللبنانية مثل كلمة “مبسوط” والتي تعني في لبنان والبلدان المجاورة “فرحان”؛ و”ملعون” التي تعني بطريقة محبّبة “حذق”؛ و”مهضوم” التي تعني خفيف الظل. كما يستخدم بعض الكلمات المعرّبة مثل “البونبون” التي تعني السكاكر، وذلك لتفادي استخدام كلمات ثقيلة والإبقاء على قرب النص من المحكيّ. يركّب المؤلف الجمل بأسلوب أقرب إلى المحكي فيقول بلسان أسامة “الماما” بدل “ماما” أو “أمي”، كما “البابا”، مساعدًا القرّاء الصغار على التماهي مع شخصية البطل الذي يحكي مثلهم.
لا تركز رسوم ياسمين نشابة طعان على الجمالية، بل تكمّل النص بذكاء ونوع من الحيوية: فتارة، تضع بعض الصور الفوتوغرافية التي تعبر عن بيئة لبنانية، متوسطة الدخل. وتارة أخرى، ترينا تفاصيل غير واقعية مثل تصوير لعضلات وعظام الوالد وهو يحاول إقناع ابنه الشقي أنّ الموز مفيد مستعرضًا عضلات ساعده. هناك أيضًا بعض الإضافات الطريفة، مثلًا، لافتة للجسم البشري في عيادة الطبيبة يأكل الإنسان فيها موزة، أو الرسم الموجود على حائط غرفته الذي يتحول إلى موزة في آخر الكتاب (بعدما يعمل أسامة عملته) كما نرى القمر من الشباك في الرسمة ذاتها على شكل موزة.
ختامًا، يمكن وصف هذا العمل بالمتكامل من حيث القصة التي تتطور عبر حوارات واقعية يتخللها كثير من الدعابة، والرسوم اللعوبة، وأسلوب اللغة المُستخدمة.
ربى