حاتم والخاتم

حاتم شاب طيب وذكي، من أسرة مزارعة. يفقد أسرته في زلزال فيصبح مسؤولًا عن جدته العجوز. بعد فترة، تمرض الجدّة وتصير على فراش الموت، حينها تعطيه خاتمها، قائلة له أن هذا الخاتم يحقق أمنية واحدة. خلال انشغاله بعمله، يضيع الخاتم فيشعر حاتم بحزن كبير ويتعاطف مع كل من يفقد شيئًا. هنا، يقرر أن يفتح حانوتًا لمساعدة الآخرين في العثور على أشيائهم المفقودة. في الوقت نفسه، يأتي إليه حكيم القرية الذي يخبره أنه سيسترجع خاتمه إن تمكن من مساعدة خمسين شخص.

تأليف: زنجبيل علوة، رسم: فادي عطورة. بيروت، دار أصالة، 2021. مصور، 38 صفحة، 20×14 سم ردمك: 9789953953830

تنجح الكاتبة زنجبيل علوه بالمزج ما بين قصص الألغاز والحكايا الشعبية. فالقصة تدور “في زمن بعيد” (ص. ١) ومكان غير محدد، كما نجد فيها الأميرة والحكيم وصانع الأحذية، وغيرهم من الشخصيات المألوفة في هذا النوع من الحكايا. بنيت القصة على سردية سائدة في هذا الصنف الأدبي، حيث تتغير أحوال حاتم من الفقر والبؤس المدقع في بداية القصة، إلى النجاح على الصعيدين المادي والاجتماعي في نهايتها، وذلك بفضل طيبته وذكائه واجتهاده في العمل. مع الإشارة إلى أن نهاية القصة تخرج عن النمط بشكل واضح، وهو خيارٌ موفّق.

تتتابع الأحداث -بعد مقدمة طويلة بعض الشيء- بشكل ديناميكي، بالإضافة إلى عامل التشويق المرتبط بعدد من الألغاز يحلّها حاتم، بحيث لا يشعر القارئ بالملل. مع ذلك، كان من الممكن لتفاصيل هذه الألغاز أن تكون أكثر إحكامًا والحلول أكثر وضوحًا وإقناعًا في بعض الحالات، كتقديم الدلائل بشكل تدريجي أو تبيان طريقة التحليل بشكل أوضح.

هناك أيضًا بعض التنميطات الطبقية التي هي على الأرجح غير مقصودة ولكن من الضروري التنبه لها، مثلًا، حين تتوجّه الشكوك إلى أبناء الطبقة الفقيرة عندما يفقد أحد الأغنياء شيئًا ثمينًا. من جهة ثانية، هناك نوع آخر من التنميط يعزز التعاطي الأبوي بين الكبار والشباب، حيث يتبين أن الحكيم لم يكن شفافًا تمامًا مع حاتم، وتمر هذه الخديعة وكأنها طبيعية.

تروّج القصة لعدد من القيم الإيجابية، مثل الاستقلالية والأمانة والاعتماد على الذكاء والتحليل، فحاتم مثلًا دائمًا يلتزم بوعوده ويوفي ديونه ويحب مساعدة الآخرين. كما نتأثر كقراء بالجهود الذي يبذلها للاهتمام بجدته إلى آخر لحظة من حياتها.  

لا بد من الإشارة إلى نقطة قد يراها البعض إشكالية. فهناك الكثير من الشخصيات التي تموت في القصة، منها أسرة حاتم وجدته وحتى طفل صغير. القصة إذًا تتطرق إلى أمور حساسة، لكن يحسب للكاتبة تعاملها مع هذه المآسي بشكل لائق ورقيق.

اللغة سلسة والنص محرك بالكامل.

يزيّن الكتاب رسومات لفادي عطّورة بالأبيض والأسود، معبّرة وتنقل مشاعر الشخصيات بشكل حيوي.

رغم بعض الثغرات، الفكرة ذكية ومنفذة بشكل جيد عامة.

س.أ.غ.