عندما قبضوا على الأفكار

في هذه القصة، تشارك هنادا طه الأطفال موضوع الحريات وتحديدًا حرية التعبير من خلال معالجة قصصية غير مألوفة ومبتكرة تحمل في طياتها الكثير من التشويق والفكاهة.

عنوان الكتاب الملفت عندما قبضوا على الأفكار يحمل أبعادًا سياسية. تدور أحداث الحكاية في مملكة حيث الملكة تكره الأفكار والكلمات؛ الكتب والكتابة؛ الكلام والسلام؛ وحتى التحيَّات. تحاول جاهدة، وبكل الوسائل، أن تمنع الأفكار وكل ما تكره وتأمر الجميع أن يصمتوا. وعلى الرغم من محاولاتها المستمرة، لم تستطع الوصول إلى مبتغاها: كبارًا وصغارًا أوجدوا طرقهم الخاصة للتعبير عن آرائهم، وضحكاتهم، وحتى بكائهم.

تأليف: هنادا طه، رسم: بنان حمص. بيروت، أكاديميا، 2018. مصور بالألوان، 16 صفحة، 22.5×22 سم. ردمك: 9789953374093

نص مشوق يقوم على تصاعد الأحداث. لغته فصيحة ومدروسة وهو محرّك بالكامل، كما إنه سلس ولا يخلو من السجع الموسيقي والفكاهة.

بشكل عام، اختيرت المفردات كي تلائم الفئة العمرية المستهدفة، لكن، في بعضها شيءٌ من الصعوبة. نذكر منها “الشَّدوِ” (ص. 4) وجملة “غضبت الملكة، حنقت، سخطت، أرعدت، وأزبدت” (ص. 8)، التي على الرغم من إيقاعها الجذاب، تتضمن كلمات قد يصعب فهمها من قبل الفئة العمرية المستهدفة من القصة مما قد يُفقد الطفل بعضًا من لذة القراءة.

خلفية الكتاب قاتمة في جميع الصفحات، ربما لتعكس موضوع القصة الجدي حول قمع الحريات. في أكثر من صفحة، كانت الألوان المستخدمة في الخلفية قريبة من ألوان الرسوم، ما أثر سلبًا على الرؤية (مثلًا، في الغلاف).

أما رسومات بنان حمص، فعكست النص مع إضافة بعض الرمزية. ملامح الشخصيات المختارة معبرة وفي خدمة النص في حال أغلب الشخصيات الثانوية (ص.  4-5و6-7). أما في حالة شخصية الملكة، فقد تكررت تعابير وجهها في أكثر من صفحة (مثلًا ص. 8 وص. 12) وكان من الممكن أن يكون رسم الفم أكثر إتقانًا..

في الختام، نجحت المؤلفة في هذا الكتاب في عرض موضوع لم يتم طرحه سابقًا في أدب الأطفال إلا بشكل محدود. قدمت نصًّا ذكيًّا وحبكة مترابطة بأسلوب مشوق ولغة سلسة، ما جعل من هذه القصة إضافة متميزة إلى أدب الأطفال العربي.

فرح