من اللقاء الأول، يشعر القارئ أنه أمام كتاب مميز وملفت: غلافه أنيق برسم جذاب وعنوانه يثير الفضول.
القصة بسيطة وظريفة، كُتبت بطريقة سلسة: خبّأت الطفلة عدن شيئًا في يدها وقامت تطلب من كل من تلتقيه أن يحزر ما هو. تنوَّعت التخمينات، لكن لا الجارة “صفاء” ولا الكلب “سريع” ولا الهرة “بهار” ولا حتى أمها وأبوها توصلوا إلى الإجابة الصحيحة. فالكل أعطاها الإجابة التي تناسبه انطلاقًا مما يحتاجه. الأم، مثلًا، اعتقدت أنّ ما تخبئه عدن هو مسمار، لأنها كانت بحاجة إليه لتعليق لوحة على الجدار (ص. ١٤-١٥). في النهاية، الجد هو مَن حلّ اللغز بطريقته الخاصة والذكية.

حبكة القصة متماسكة وممتعة. الجمل قصيرة، انسيابية، مفرداتها سهلة. يحتوى النص أحيانًا على سجعٍ جاء عفويًّا (مثلًا “تجلس في الشرفة، تمسك فنجان شاي فيه عود قرفة”). يسود على النص الطابع الحواري الذي يعكس بدوره ديناميكية العلاقة بين الفتاة ومحيطها من عائلة وجيران ومكانة التواصل الشفهي المركزية في هذه العلاقات.
الرسومات بديعة، جاءت بمثابة لوحات فنية امتدت على كامل الصفحتين المتقابلتين. الألوان المستخدمة هادئة، متلائمة مع نعومة القصة ومليئة بالحياة في الوقت نفسه، كما أضفت التفاصيل الغنية في الرسوم نكهة وجمالية خاصة على الكتاب. تعكس الرسوم جو القصة العائلي، بل الريفي، مازجةً إياه ببعض التفاصيل العصرية.
الكتاب مصمّم بشكل أفقي كان له تأثيرٌ سلبيٌّ على بعض الرسومات، إذ تم اقتصاص أجزاء منها مكان التقاء الصفحتين المتقابلتين (ص. ١٠-١١ حيث الكلام داخل الفقاعة غير مقروء، وص. 20-21 حيث قسم أعلى وجه الجد واقتطع جزء منه). عدا عن ذلك، عناصر التصميم والإخراج الأخرى كانت موفقة، من البنط الجميل والمتناسق مع الرسوم، إلى نوعية الورق ذات الجودة العالية.
كتاب قريب من القلب فعلًا!
فرح