الأسطورة

الأسطورة
تأليف: ميس داغر، رسم:لينا مرهج. بيروت، دار الحدائق، 2018. مصور بالألوان، 28 صفحة، 25×20 سم. – ردمك: 9786144391419

من الممتع، ونحن على أبواب عطلة آخر السنة، أن نقرأ قصةً عن الإجازة والراحة. ومن الممتع أكثر أن تكون هذه القصة فكاهية، ومن نوع الكوميكس.

ديمة فتاة مراهقة تحاول النوم طول النهار في خلال إجازتها، وأمها تحاول حثّها على الحركة والنشاط. يصل جدّاها في زيارة، فيكشفان لها أن أمها لم تكن في طفولتها المرأة الأسطورية التي تعرفها اليوم ديمة بفضل همّتها الدائمة.

لا وقت للملل عند قراءة “الأسطورة”، فالنص يعتمد كثيرًا على الحوارات، والفقرات الوصفية تأتي بأسلوبٍ مباشر على لسان البطلة نفسها. لغة ميس داغر جميلة ومبسّطة، وأسلوبها عامة خفيف وحيّ، مع أن الحوارات المباشرة تفتقد أحيانًا إلى بعض الرشاقة، وإلى مفردات أكثر شيوعًا بين الفصحى والعامية.

بالرغم من أن القصة ترفيهية بالدرجة الأولى، إلّا أن نصها يعكس موضوعين أساسيين، هما دور المرأة ومشكلة النسيان عند كبار السن. فأم ديمة امرأة نشيطة تعمل بلا كلل، أما أبوها فلا يذكره النص ولا يظهر في الرسوم إلّا في مكان أو اثنين، مما يزيد من تهميشه، فهو موجود ولكن من غير أن يكون له صوت. لقد أصبح هذا حال دور الرجل في العديد من كتب الأطفال، وكأن التركيز على إعطاء المرأة دورها كاملًا قد أنسى الكتّابَ دور شريكها في الحياة والعائلة.

على صعيد آخر، تنجح القصة بإعطاء دور قوي للابنة التي قد تشعر بالتقصير أو حتى بالفشل مقارنة بأمها الأسطورة، فديمة فتاة واعية إلى أنّها، وإن كانت معجبة بأمها، تستطيع أن تحافظ على شخصية مختلفة ومستقلة.

والجدّان ينسيان، الجد يعيش في ذكريات الماضي البعيد، والجدة تنسى جملتها ما إن تقولها. قد يتعجب القارئ كيف أنهما استطاعا مع ذلك الوصول إلى بيت ابنتهما راكبين الحافلة، دون مساعد أو مرشد ومن غير أن يتوهان.

كعادتها، تسبح لينا مرهج بحريّة في صفحات كتابها وكأنها هي ديمة، تتنقل من مكان إلى آخر، فتأتي الرسوم على شكل شريط مصوّر تحرر من شريطه، تتناغم مع النص بشكل مثالي، عاكسة روحية القصة الفتية والمعاصرة. تتميز بلوحة ألوان مقتضبة مشبعة جذابة، مما يعطي مساحة أكبر لحركة الأجساد. الوجوه والنظرات معبّرة، فيها السخرية وفراغ الصبر والغضب.

إخراج الكتاب وإنتاجه جيدان، والغلاف ملفت فنيًّا، وأيضًا عبر النبذة اللطيفة على ظهره.

كتاب جذّاب وهدية جميلة للأعياد.

هب