
كتاب مصوّر يحكي عن أثر التكنولوجيا في حياتنا الاجتماعية.
لمعالجة هذا الموضوع، لم تعتمد الكاتبة على سرد قصة بحبكة، بل قدمت لنا خواطر الشخصية الرئيسية، طفلةٌ تلحظ انشغال أفراد أسرتها وأصدقائها بهواتفهم الذكية التي تستحوذ على كل اهتمامهم، فتطرح سؤالًا يتكرر في العنوان وفي كل صحفة: هل نحن حقًا معًا؟
التعاطي المباشر مع الموضوع لم يضعف القصة. من الجميل أن نرى شخصية طفولية تتأمل بعمق ما يجري حولها وتتساءل ولها موقف من الأمور. ومن الملفت أن هذا الكتاب لا يعزّز فقط أهمية التواجد مع الناس بشكل فعلي بل أيضًا أهمية الانفراد مع أنفسنا وأفكارنا.
تنجح الكاتبة إلى حدٍّ كبير بنقل توق الفتاة إلى مزيد من التقارب الاجتماعي، وقد نتعاطف مع إحساس الطفلة بالوحدة والعزلة. لكن هل من الصواب اعتبار التكنولوجيا المسبب الوحيد لكل تلك المشاعر؟ الكاتبة تعالج موضوعها من جانب واحد فقط: تركز على النواحي السلبية وتتجاهل الدور الذي قد تلعبه التكنولوجيا بتعزيز العلاقات والحفاظ عليها. في أكثر من صفحة، كان الطرح ملتبس. نرى على سبيل المثال الطفلة وصديقتيها يتنزهن في حديقة عامة، كل فتاة منهن منشغلة على ما يبدو بهاتفها. ثم تقول: “نتحدث قليلًا، ونضحك كثيرًا”. ففي هذه الحالة، طالما الصديقات استمتعن بوقتهن، لماذا اعتبرت الراوية أنهن لسن موجودات معًا فعليًا؟ ولماذا التناقض بين النص والصورة؟ في صفحة أخرى، تخبرنا الفتاة أن كل ليلة يحكي أو يقرأ لها أبوها قصة، ونراه في الرسم حاملًا هاتفه وفي الوقت نفسه بيده كتاب. وجود الهاتف في الرسم يناقض هنا أيضًا ما ورد في النص كأنه، أضيف لتبرير طرح سؤال “هل نحن حقًا معًا؟”.
الحل المطروح في نهاية القصة يعتمد هو الآخر على التكنولوجيا، وإن كان يعبّر بشكل فعّال عن الرغبة الساذجة للشخصية الطفولية.
بالرغم من كل ذلك، يبقى النص مؤثرًا ويعود ذلك إلى لغة الكاتبة الأنيقة والعاطفية التي تتناسب مع وجهة نظر الشخصية. كما أنها أحسنت استثمار الجمل القصيرة والتكرار لإضفاء قسطٍ من الشاعرية.
رسوم سندس الشايبي متقنة وإن لم تكن مبتكرة. الشخصيات تشبه الدمى: الرِجلان مضمومتان، العيون كبيرة ومزينة، الأفواه دقيقة، الخدود مورّدة والثياب آتية من سنين مضت. الانتماء الثقافي للشخصيات غير واضح والرسوم تجمع بين ما هو قديم (الملابس وشاربَي الأب) والحديث (الهاتف النقال، السيارة). اعتماد الرسامة أحيانًا على الألوان الباهتة وعلى تأثير الضبابية قلّص من حيوية الرسوم. فيما يتعلق بالطباعة، لم تكن دائمًا بدقة عالية، ما زاد من ضبابية بعض أجزاء الرسم.
تصوير رقيق لمشاعر الطفلة لكن معالجة الموضوع غير مقنعة، تضيء على حاجتنا لتعاطٍ أكثر توازنًا وواقعية – ليس فقط مع موضوع التكنولوجيا -، بحيث لا نكتفي بإسقاط هواجس الكبار أنفسهم على نصوص مخصصة للصغار.
س.أ.غ