مقابلة مع ريم مخّول – دار قصص

2017 05 11 EGYPTIAN IMAGINATION NY_IMG_9598قصص هي دار نشر صغيرة جديدة ولدت في نيويورك سنة 2015. أسستها ريم مخّول الفلسطينيّة مع زوجها ستيڤن فارل البريطانيّ، لملء فراغ أحسّا به عند ولادة ابنتهما.
ما هو هذا الفراغ وما الذي يميّز قصص؟ بدايةً أنها تنشر بالعامية، وتتوجّه بصورة خاصة إلى عرب المهجر!
قد يهلّل البعض وسيغضب الكثيرون، إذ أنّ الكتابة بالعامّيّة مسألة شائكة في الأدب عامّة، فكيف الحال عندما نتوجّه للأطفال! أجرينا مع ريم مخّول الحوار التالي للتعرّف على مشروعها (وعلّقنا على كتبها، راجع لذلك صفحة النقديّات)، فيكوّن القارئ لنفسه رأيًا بمعزل عن التوجهّات السائدة وماورائيّاتها العقائديّة.

حاورتها سوزان أبو غيدا.

بيهمّنا نعمل المقابلة معك باللغة العربية. هل بتفضلي الرد على الأسئلة بالفصحى أو بالعامية؟ الموضوع بيرجعلك. 

بساوي اللي انتو بتفضلوه وما عندي مشكلة اجاوب بالفصحى كمان. بس اذا القرار بيعود لإلي، فأنا أكيد بفضل بالعامية خصوصًا عشان بحب إنه فكرة الكتابة والقراءة بالعامية توصل بشكل أوضح من خلال المقابلة.

حلو كتير، ريم. ممكن بدايةً تعطينا فكرة عن دار النشر قصص-Stories والهدف من إنشائها؟

بديت بمشروع “قُصَصْ” عشان فكّرت إنه هاي فكرة إجا وقتها. التغييرات اللي صارت وبعدها بتتطور بالتلفزيون وبوسائل التواصل الإجتماعي وبالإنترنت كلها ساهمت بتغيير الطرق اللي منتواصل فيها مع بعض كعرب. الشعب العربي بكل العالم العربي صار يفهم لهجات عربية غير لهجتهم بأكثر سهولة، وصار الأمر مألوف وسهل أكثر بالمقارنة مع الماضي لمّا كان في فقط محطة أَو محطتين حكوميات على التلفزيون. أنا بديت دار النشر بوجهة نظر إنه حتى ولو كانت القصص اللي بنشرها إلها فقط جمهور مكوّن من شخصين، بناتي شهرزاد ونيروز، بيبقى الموضوع بالنسبة إلي إله قيمة مهمة. بس اللي صار هو إنه كل الأهل العرب المغتربين والعايشين بالشتات اللي كان عندي مجال أحكي معهم عن الموضوع، كان رد فعلهم بيتلخص بكلمة واحدة “وأخيرًا”. بالنسبة إلهم هاي كانت فرصة إنه يحبّبوا أولادهم باللغة العربية، وأهم من هيك، إنه أطفالهم يفهموا لغتهم. واضح إلي ولعدد كبير من الناس إنه اللي كان موجود من قبل ما عم يكفي. عدد كبير من الأطفال عم بيربوا بدون ما يتعلّموا اللّغة العربية. مين اللي قال إنه ما فينا نحاول طرق جديدة؟ ومين اللي قال إنه ما منقدر نتأقلم مع التغييرات اللي بتصير بحياتنا؟

ممكن تخبرينا عن مشاريعك الأولى بهيدا الإتجاه؟ أو أبرز إنجازاتكن لليوم؟

Screen Shot 2017-06-26 at 20.51.39المحل الطبيعي اللي كان لازم أَبدأ فيه عشان أَعلِّم اللُّغة العربيِّة لبنتي صاحبة الخيال الواسع اللي عايشة بالغرب هو إِني أَكتب قصة عن بنت ساكنة بالغرب واللي خيالها واسع. قررنا إِنه نسمي البنت بالقصّة “شهرزاد” على إسم بنتنا شهرزاد، المسماي على إِسم أَشهر حكواتية بالعالم. إِسم قصتنا الأُولى “البِنْت اللي ضَيَّعَت خَيالْها”. دايمًا كنا نكتب الجمل والأَفكار البتضحّك اللي شهرزاد كانت تحكيها، وقررنا نستعملها بالقصص اللي منكتبها. بس أوّل مرة حسّينا إِنه في مجال نلعب ونبدع شوي باللُّغة والكلمات كان لمَّا بدينا بالرسومات للصفحة الأُولى للقصة وأَدركنا إِنه كلمة “خيال” [ملاحظة مرسال: تستخدم بعض العاميّات كلمة خْيال (بالخاء المسكّنة) بمعنى الظلّ] بالعربي بتعني “imagination” و “shadow” وعلى هذا الأساس ركَّبنا القصة حول هاي الفكرة المركزية.

بالقصة الثانية “وين بدِّي أَتخَبى؟” عملنا إِشي مشابه: إِستعملنا فكرة حب بنتنا شهرزاد للعبة التخباي وحاولنا نكبّر الفكرة ونطوّرها بحيث إِنه محلات التخباي بالبيت هني عبارة عن شخصيات حقيقية وأَصدقاء لشهرزاد اللي أَشكالهم وشخصياتهم بتختلف عن بعض.

كيف عم تتعاملوا مع اختلاف اللهجات المحكية بالعالم؟ حتى اللهجة المشرقية بتختلف من بلد لبلد.

شو قصدك باللهجة المشرقية؟ قصدك لهجات بلاد الشام؟ ولما تقولي ‘بلد’ قصدك قرية ومدينة أو دولة؟

يعني سؤالي وسؤالك مثل عن تنوع اللهجات المحكية وغناها ؛-) باللهجات المشرقية نعم بقصد لهجات بلاد الشام. ببلد بقصد الدولة مع إنّو أكيد في اختلافات داخل الدولة وتشابه عبر الدول بذات الوقت.

اللَّهجات بتختلف عن بعضها، هذا الإشي أَكيد، بس بنظري توصيل فكرة باللّهجات المحكية أسرع بكثير من توصيلها بالفصحى، خصوصًا عند ذات الفئة اللي بتحكي نفس العامية.

Screen Shot 2017-07-03 at 19.45.21عدِّة مرَّات لما نكتب قصص بالعامية منلاقي كلمة مستعملة بالقدس مثلًا اللي مش معروفة ببيروت أَو بدمشق. بهيك حالة منتوجه لأَصدقائنا من هاي المدن والدول ومنحاول نلاقي كلمات اللي بتكون مألوفة أَكثر بكل المحلات. اليوم كنت أَحكي مع كاتبة مصرية كتبت قصة بالعامية اللي عم منفكر ننشرها. أَنا كثير حبِّيت القصة، عشان وصلتلي أَصوات وروائح القاهرة من خلال اللَّهجة المصرية. أَكيد ما كنت راح أَحس نفس الشعور إِذا القصة كانت مكتوبة بالفصحى.

الفصحى هي لغة رائعة وجميلة بحد ذاتها. مسؤولية دور النشر والأدباء إِنه يلاقوا أَحسن وأَفضل طريقة يوصلوا ويكتبوا فيها قصة، وما يكون في إِنصياع وطاعة عمياء لقوانين بس عشان في خوف من التغيير. كثير هوين نتغلب على هاي الاختلافات بين اللهجات إِذا عن جد كان في تعاون ورغبة بالموضوع. لمَّا نبدأ نقرأ ونكتب بالعامية، اللغة نفسها راح تتطور بشكل طبيعي وباتجاهات جديدة.

أصدرتوا أول عنوان باللهجة الشامية ثمّ باللهجة المصرية. هل عدلتوا النص الأساسي (اللهجة الشامية) أو أعدتوا كتابتو بالمصري؟ هل في مشروع تنشروا الكتب بلهجات ثانية، وشو هيي؟

قصة “البِنْت اللي ضَيَّعَت خَيالْها” كانت أَول قصة مننشرها وكانت باللَّهجة الشاميِّة، لإنها اللَّهجة اللي أَنا بحكيها واللي بتقنها أَكثر شي.

 لما قررنا ننشر كمان باللَّهجة المصرية، بعثنا القصص لأَصحابنا المصريين وقسم منهن في عندهن أَولاد، وهيك غيّروا شوي بالنص إِنه يكون ملائِم أَكثر للقارئ المصري. طبعنا القصص لما كلهن كانوا مبسوطين ومرتاحين مع اللُّغة اللي اِستعملناها.

أَكيد التخطيط تبعنا إِنه نطبع كل قصة مننشرها بعدة لهجات، اللَّهجة الجاي راح تكون اللَّهجة العراقية عشان في طلب من كثير ناس انه ننشر بهاي اللَّهجة. بكل معرض كتاب أَو مهرجان أَو مؤتمر منشترك فيه، بيجونا ناس من ليبيا، المغرب، تونس، اليمن، السودان وغيرها من دول وبيطلبوا ننشر القصص بلهجاتهم. أَكيد هذا محفز كثير كبير إلنا، وهدفنا وأَملنا إِنه كتبنا تكون منشورة بأَكبر عدد من اللَّهجات المحكية بالعالم العربي.

بتفكروا تكمّلوا بسلسلة شهرزاد أو تنشروا كتب عن شخصيات ثانية؟ شو هي مشاريعكم المستقبلية؟

سلسلة شهرزاد راح تستمر. مثل ما كتبنا بالصفحة الأَخيرة من الكتاب الثاني إِنه شهرزاد راح تستمر بمغامراتها مع أختها الطفلة نيروز ورسمنا طيارة مسافرة لمكان بعده مش معروف (حتى لإلنا). بس قبل ما نكمل بسلسلة شهرزاد، حابين نتوسع لفئات جيل جديدة، ممكن نبدأ برواية لجيل شباب أَكبر شوي، قصص وروايات لليافعين. بدينا بمحادثات مع كاتبة عرضت علينا قصَّة كثير حبيناها وراح نشوف إذا ملائمة ننشرها. إحنا ما عنا مشكلة ننشر قصص وكتب لمؤلفين من كل العالم العربي، بس إحنا كمان منشوف إنه دار النشر “قُصَصْ” عم تكبر مع بناتنا شهرزاد ونيروز. مثلًا هلّأ بنتنا نيروز صار عمرها سنتين، وبدينا برسومات لكتاب جديد بيعلّم هيك جيل عن الأحرف والحيوانات، واللي راح ننشره خلال الشهر الجاي، وراح نكتب قصص جديدة ملائمة كمان لجيلها. كمان عم نتطلع إِنه ننشر بالعاميِّة قصص قديمة وكلاسيكية مكتوبة بالفصحى اللي بطَّلت محددة ضمن أي حقوق نشر.

طالما باشرتوا بأول تجربة نشر للآخرين، عم تفكروا تستقبلوا أو تستقطبوا نصوص بالعامية من مؤلفين ثانيين؟

طبعًا احنا ما راح ننشر غير بالعامية والنص اللي منستقبله من مؤلفين أو كتّاب غيرنا لازم يكون بالعامية.

في مؤلفين من مصر ولبنان وفلسطين توجهوا لإِلنا بقصص وأَشعار وأَغاني للأَطفال مكتوبة بالعاميّة. واضح لإِلنا إِنه في مجموعة كبيرة من المؤلفين اللي عم بدوروا إنهم ينشروا أَعمالهم بالعاميّة، و”قُصَصْ” هو المحل الطبيعي إِنهم يتوجهوا إِله. فطبعًا، إحنا منستقبل ومنفحص هيك مشاريع وأَعمال ومنشوف إذا ملائمة للنشر.

عندي سؤال حول موضوع نقل اللغة المحكية من المسموع إلى المكتوب. هل بتواجهو مشاكل بعملية التدوين، وكيف عم تتعاملوا معها؟

لما أنا وستيف نبدأ نكتب أول مرحلة منفكر بالقصة بصوت عالي، منحكيها لبعض ومنشوف كيف بتكون بشكل مسموع… لما نعرف بالضبط شو بدنا نكتب وكيف راح تكون القصة ساعتها منبدأ كتابتها بالعامية بس ولا مرة منكتب بالفصحى. إحنا منحكي الجملة ومنكتبها كيف منحكيها. أكيد منعمل تعديلات للجملة عشان نتأكد انها تكون واضحة، وكمان منتأكد انه الكلمات اللي منستعملها تكون واضحة ومألوفة لأكبر عدد من الناس.

كمان منحاول كثير انه نكتب الكلمات بشكل قريب للكلمة الأصلية، مثلًا، عدد كبير من الناس اللي بيحكوا باللّهجة الشامية ما بيلفظوا حرف ال “ق”، بس لما نكتب كلمات فيها حرف ال”ق” ما منغيرها ل”أ”… أو مثلًا بمصر الناس ما بتقول حرف ال “ج”، بس إحنا ما منكتب الحرف بشكل خاص او مع ثلاث نقط مثل ما متّبع بمحلات معيّنة، منكتب الكلمة بشكل قريب للأصل.

بالقصة الأولى اللي نشرناها كتبنا كلمة “زغيرة” مع حرف ال”ز”، مش “صغيرة” مثل ما الكلمة متبّع كتابتها بالفصحى، وكان رد فعل من عدة ناس انهم بيفضلوا يشوفوا الكلمات مكتوبة بشكل قريب من شكلها الأصلي، وهيك عملنا بالقصة الثانية اللي نشرناها، حاولنا نعدّل الكلمات بشكل إنه من ناحية الإملاء تكون قريبة من الأصل. بس طبعًا بعدنا منكتب كلمات بالعامية اللي غير موجودة بالفصحى، مثل: فوتي لهون  على شو – بس ليش  إنهاردة – ماكانتش وغيرها من كلمات محكية.

IMG-8625عندي بعض الأسئلة عن إدارة دار النشر والطباعة والتوزيع: أولًا، غير إنت وزوجك، في موظفين بشكل دائم ب”قصص”؟ في محررين؟ مسؤولين تسويق؟ ثانيًا، بكل طبعة، كم نسخة عم تعملو؟ ثالثًا، وين عم توزعوا كتبكن حاليًا؟ وين بتحبوا إنّو كتبكن توصل بالمستقبل؟

ما في موظفين عنّا بقُصَصْ. بهاي المرحلة أَنا وزوجي اللي منكتب القصص ومنلاقي ومنفوض الرسامين اللي راح يشتغلوا على العمل الفني والرسومات بالكتب ومنبيع ومنسوق الكتب بنفسنا. عنا أَصدقاء وأهل رائعين اللي بيحبوا فكرة قُصَصْ وبيدعمونا وبيساعدونا بعدة طرق. مثلًا عنا أصدقاء اللي بيساعدونا بالتوزيع وكمان بيشتركوا محلنا بمهرجانات ومعارض كتب اللي ما منقدر نوصلها. عنا كمان أَصدقاء وأهل اللي دايمًا بيساعدونا من ناحية اللُّغة واللَّهجات ومنسأَلهم عن الكلمات اللي منستعملها ورأيهم وردود فعلهم كثير مهمة إِلنا وإِحنا كثير ممنونين لإِلهم على الدعم المستمر. بس طبعًا إحنا في بداية مشروع والخطوات بعدها أوليّة، وهدفنا هو إنشاء دار نشر اللي بتكبر مع السنين وما بتتوقف بس عند شهرزاد ونيروز، وإحنا منخطط لدار نشر عالمية بالوطن العربي وبالمهجر.

لحد إِسا صدر طبعة واحدة من كل كتاب، وعنا أَربع كتب بالمجموع [عنوانين كلٌّ منهما بلهجتين]. كل مرة منطبع مئات من النسخ، وحاليًا قربنا نبيع كل النسخ من عنوانين وأَكيد راح نطبع نسخ جديدة. هيك مراحل كثير مثيرة ومهمة لإِلنا. إِحنا منبيع من خلال موقع قُصَصْ على الإنترنت وبمهرجانات ومعارض كتب وكمان من خلال مكتبات بمدن ودول مختلفة حول العالم اللي بيطلبوا القصص مننا بشكل مباشر. أَكيد إِحنا دايمًا منتطلع كيف نكبر ونوسع شغلنا، ومهم إِلنا بهاي المرحلة نلاقي موزعين نشتغل معهم.

شكرًا كتير ريم على وقتك. عندك أي كلمة أخيرة بتحبي تقوليها؟

بفكر إني حكيت كل إشي كان بدي إحكيه، وكان رائع إنه إكتب الأجوبة بالعامية، وأنا كثير بتشكركن على هذا الإشي. بحب يمكن أَضيف إنه واضح في تغيير بردة الفعل أو الموقف بالنسبة للعامية، وواضح إنه صار في أَكثر إهتمام ورغبة من كثير ناس إنه نحاول ونعطي فرصة لأدب حديث مكتوب بلغة بتتماشى مع الحياة اللي منعيشها اليوم. بفكر إذا منبدّل الخوف والقلق المتعلق بهيك تغيير بقبول وإنفتاح، راح التجربة والمسيرة تكون ناجحة أكثر. وأهم من هيك هو إنه مسؤولية دور النشر إنها تزود مواد وأَدب اللي الناس بحاجه إله وبيطلبوه، بتمنى إنه يكون في اصغاء لهيك طلبات أكثر.

 سوزان أبو غيدا