
أصيب ملك المدينة السعيدة بحزن انتقلت عدواه إلى كل من وما حوله. استاء الشعب ومرضت الغابات. إلّا موسى الخياط الساحر وعاشق الموسيقى، صاحب الحلول العجيبة والذكية. فقد تمكن بفضل براعته وحيلته وحبه للفن من إرجاع البسمة إلى الملك وشعبه، وإلى القراء أيضًا.
قصة ساحرة لمحبي حكايات “كان يا ما كان” الحالمة، كُتبت بلغة سليمة وبعيدة عن التعقيد. ولأن الكتاب ممتع والقصة مكتوبة بأسلوب جذاب، تمر نقاط الضعف القليلة دونما تأثير كبير على القارئ، وإن كان من الضروري ذكرها هنا: فمثلًا، ألم يكن من المفيد إضافة فكرة توضح عدم تأثر موسى بالحزن المحيط به والملم بكل أهل المدينة (صفحة 6)؟ أو أن يُذكر تأثره بحزن الناس ورغبته بإسعادهم، قبيل عزمه على خياطة الأثواب العجيبة الشافية (صفحة 8)؟ ثم إن الحزن في أول القصة قد تم وصفه ووصف تأثيره على الطبيعة والبشر بصور وكلمات شعرية، ولكن اختفاءه وعودة الفرح إلى الناس مرّا سريعًا: الشعب أحس بالدفء والملك ابتسم فزال الحزن، باختصار. الاستفاضة بوصف الفرح وشكله وتأثيره على المدينة كان سيثري القصة ويعطي دورًا أكبر للمشاعر وتأثيرها، كما وللساحر الصغير. إلا أن هذا الاستعجال يعوض عنه موسى بحكمته في آخر صفحة من النص، على طريقة القصص الشعبية التي تنتهي غالبًا بجملة عاقلة حكيمة يفكر فيها القارئ بعد أن ينتهي من مطالعته.
أما الرسوم، فهي متقنة ومنسجمة تمامًا مع روح النص وزمانه. الوجوه معبّرة وحركة الأجساد شبه موسيقية. اللباس عربي يعيدنا إلى قصص أيام الخلافة وألف ليلة وليلة، مع أشكال مستوحاة من الفن الصيني وأنماط قد تكون فارسية… مزيج ساحر ينقلنا بألوانه الترابية إلى عالم موسى فيجعله حقيقيًّا.
كتاب لافت بإنتاج ناجح.
هب