
“بو” كابوسٌ صغير، يتسلل كل ليلة إلى غرفة “نور”، يخيفها ويعكّر أحلامها، ثم يصرخ في وجهها: “بو!”. تستاء نور وتعاتبه، فيعيد النظر في تصرفاته، يتراجع عنها ويقرر سلوك طريق جديدة، مغيّرًا مظهره وشخصيته. فيُسعِد صديقته الصغيرة ويَسعَد بحياته الجديدة.
يتابع النص خُطى “بو” بلغة سلسة ومفردات مناسبة للقارئ المستهدف. تنقل لنا الكاتبة الحوارات، بين “نور” و”بو” حين يكونان معًا، أو في بال “بو” حين يفكر بكيفية تغيير نفسه، مضفيةً بذلك حيوية وخفة إلى القصة. أما الرسوم فهي تتناسب والقصة بشكل عام، فشخصية “بو” – كتلة شعر مشعث أسود تتوسطه عينان باللون الأبيض – تبدو مخيفة في بداية القصة، ثم تصبح ظريفة عندما يلبس قبعة ونظارات شمسية وثيابًا فرحة. إلا أن ضبابية الألوان – أم هي الطباعة السيئة؟ – تبدو مزعجة في الصفحات حيث يكثر الأسود والرمادي. فأحيانًا (في الصفحة 13 مثلًا) نكاد لا نميز بو من أشجار الغابة بالرغم من الفرق الواضح، في قسمٍ من الرسم، بين لون الشجر البني ولون العشب الأخضر والأصفر تحت أشعة الشمس. وفي آخر القصة، بعد أن تتغير شخصية بو ويؤكد النص: “أحَبَّ الصباح وضوء الشمس”، نتوقع شمسًا مشرقة ونتأمل أن نرى بو بثياب أكثر زهوًا، إلا أن ألوان الرمادي تختلط في الصفحة فتبدو أشعة الشمس باهتة حزينة، بينما بو جالس في ظل شجرة سوداء مثله، من دون ملابسه الفرحة.
تنجح نور إذًا بطرد الكابوس فتحوله إلى أحلامٍ سعيدة ومسلية. الفكرة جيدة، فالقصص التي تساعد الطفل على تخطي الأحلام المزعجة ضرورية ومساعدة جدًّا للأهل، خاصة أن الكوابيس تعكس عالمًا غير مرئي يصعب على الأهل حماية صغارهم منه. والجميل هنا، هو أن نور وبو ينجحان بالتخلص من الكابوس معًا، دون تدخل والدَي نور الغائبين نهائيًا عن القصة. ولكن، أما كان أكثر فعالية لو أن شخصية بو هي “حلم” وليست “كابوس”، فيكون الحلم مزعجًا في بداية القصة ثم يتحول إلى حلم جميل، منتقلًا بشكل طبيعي من حالٍ إلى حال؟ فقد يوحي استخدام كابوس بشع يتحول إلى كابوس جميل بأن على الطفل أن يتغير في عمق ذاته ليرضي الآخرين، وإن أتى هذا التغيّر ضد طبيعته وعلى حساب شخصيته الحقيقية.
هب