وأخيرًا قصة على شكل شريط مصور، وهو نوع فني لا يزال قليلًا نسبيًا في أدب الأطفال العربي.
مزارعٌ، وهو الشخصية الوحيدة في القصة، يظن أنّ بستانه هو الأوحد في الوادي و”ليس له ثان”. لكن مع خروجه لاستكشاف محيطه، يدرك أن ذلك ليس صحيحًا على اللإطلاق وأن بستانه ليس الأكثر تميّزًا في الوادي بأي شكل من الأشكال.
تعالج القصة الاعتداد بالنفس غير المبرر وتدعونا لنكوّن صورة سليمة وواقعية لذاتنا لا تستند فقط على إحساسنا بالتفوق على الآخرين. كما قد تحمل القصة معان أخرى مرتبطة بالشوفينية وبالانتماء لمكان معيّن. تطرح نبيهة محيدلي موضوعها بطريقة مبتكرة وبقالب ظريف وخفيف. ومثل عادتها، لغتها سلسة تعتمد على مفردات سهلة الفهم بالنسبة للأطفال المستهدفين من القصة. كما إنها، أي الكاتبة، تظهر مهارة عالية في كتابة حوارات المزارع مع نفسه، حيث نجد تكرارات ممتعة تتناسب وتطور الأحداث في القصة.
شخصية المزارع، بعينيه الكبيرتين، مرسومة بالأسلوب الذي عهدناه وأحببناه من لينا مرهج. يغلب على الرسوم الألوان المستوحاة من الأرض والزرع مثل البني والأصفر والأخضر بتدرجات مختلفة. كما نجد تنوعًا كبيرًا في زاوية تصوير المشاهد. فتارة نقترب من وجه وجسد الشخصية الرئيسية لنستكشف مشاعرها وما يدور برأسها، وتارة أخرى نبتعد عنها لنرى حركتها ونتعرف إلى محيطها، في قصة يلعب الموقع فيها دورًا مهمًّا. اختيارات الرسامة مدروسة إلى حدٍّ كبير فتخدم السرد وتضفي حيوية على القصة وتعبّر بطريقتها عن حس الفكاهة المتناغم مع النص. الإخراج الفني خلّاق في أكثر من صفحة ، وجريء جدًّا من حيث تقسيم الأشرطة والانتقال من رسم حرّ إلى مربعات صغيرة. السرد والحوار مكتوبان بخط اليد كما هو حال معلومات الكتاب كافّة من خارج النص بما فيه عنوان القصة.
كتاب ناجح في جميع عناصره، النص والرسوم والإخراج والإنتاج الجيد جدًا من حيث نوعية الورق الداخلي والطباعة والغلاف.
فاز الكتاب بجائزة بوغوصيان/السبيل لأدب الأطفال للعام ٢٠١٧.
س.أ.غ.
مرسال 