المارد

المارد غ1
تأليف: نهلة غندور، رسم: جنى طرابلسي. رام الله: مؤسسة تامر، 2016. مصور بالألوان، 28 صفحة، 29×21 سم، – غلاف ورقي، ردمك: 9789950260771

للمرة الثانية بعد كتاب “هي، هما، هنّ”، تتواطأ الكاتبة نهلة غندور مع الفنانة جنى طرابلسي لتعطينا كتابًا ذكيًّا مرهفًا بعيدًا عن أيّ تكلّف.

“المارد” قصة فتاة صغيرة تحب المدرسة، لكنّها تخشى هيبتها وضخامة الأشياء فيها، بعيدًا عن عالم بيتها المألوف، فتراها كالمارد المخيف. غير أنها تتأقلم، شيئًا فشيئًا.

يتميّز نص “المارد” بالمبالغات والتفخيمات، فكل شيء في المدرسة “فسيحٌ”، “واسعٌ”، “ضخمٌ” ويقاس “بالملايين”! هكذا تنقل لنا الفتاة\الراوية شعورها في كلّ يومٍ تذهب فيه إلى صفها. يومًا بعد يوم ومع مرور الشهور، تنظر الفتاة إلى هذا المارد وقد بدأ شكله يتغيّر، وتستنتج: “المارد يصغر ويصغر، وأنا لم أعد أخافه”. من النادر أن نرى في أدب الأطفال العربي كتبًا تعالج مسألة الخوف أمام الأشياء الجديدة بهكذا أسلوب، حيث لا حلول تعجيزية أو فكاهية ولا تدخل مباشر من الأهل أو الأصدقاء، إنما هو عامل الوقت الذي يأخذ حقه، فيعكس الكتاب بذلك فهمًا واضحًا لأحاسيس الأطفال وتفاعلهم مع مخاوفهم. والملفت أكثر في النص هو قدرة الكاتبة اللغوية على إيصال أفكار ومشاعر كثيرة بكلامٍ قليل ومفردات سهلة مألوفة. هذا الاقتصاد باللغة فيه الكثير من القوة وله وقع عاطفي فعّال.

المارد غ4يطغى على الصفحات الأولى رسومٌ بالحبر الأسود على مساحات بيضاء تعطي شعورًا بالرهبة: سور المدرسة العملاق، أشجارها الفحمية… وإلى جانبها الفتاة الصغيرة بثيابها الملونة الفرحة. ثم تزداد الألوان في الصفحات التالية، مع اطمئنان الفتاة إلى محيطها وتآلفها معه. الرسوم عفويّة وطفوليّة، خطوطها عصريّة الملمح، معبّرة، هنا عينان كبيرتان قلقتان وهناك أوراق شجر بلون الإلفة.

يتكامل النص والرسوم مع غلافٍ خَطّت عليه الرسامة كلمة “المارد” عملاقةً، تغطّي ألِفاها ولامُها حافّة الصفحة بالأسود الفحمي على خلفيّة بيضاء، تتوسطهم عينان تجعلان القارئ يتساءل بتشوّق عن هويّة هذا المارد. قصةٌ جميلةٌ وذكية، بالرغم من إنتاجٍ ضعيف ورقه وطباعته لا يليقان بكتابٍ يستأهل أن يكون في كلّ بيت ومدرسة.

هب