
شابة تستعيد، من ذكريات طفولتها، الأحلام المهنية التي كانت تستهويها، فتستعرض خصائص كلّ منها: من بائع غزل البنات أو بائع الكاز إلى مبيّض الأواني وغيرها من المهن الشعبيّة المحليّة الزائلة.
كعادتها، تكتب نبيهة محيدلي بحنان، وتنقلنا بحنين إلى الماضي القريب حين كنا ننتظر بشوق بائع الكرابيج، أو سائق الحنطور الذي ما زال بإمكاننا الاستمتاع ببوقه في بعض أحياء بيروت، وإن نادرًا. تعرض القاصَّةُ كل مهنة على نغمةِ: “ومراتٍ كنت أحلم أن أصبح…”، ثم تصف حماس الطفلة التي تستذكرها لهذا البائع أو تلك الطيّبات، وكيف كانت تركض مع أصدقائها إلى اللقاء المنتظر، يشترون وأحيانًا يبيعون. تستعرض المهنة تلو الأخرى، وعندما تعيدنا بالنص إلى الحاضر، تخبرنا كيف وجدت طريقتها الخاصة للتعبير عن كل تلك المهن دون أن تمارس أي منها.
لكل مهنة خُصصت صفحةٌ كاملة من النص، تقابلها صفحة لرسوم حسان زهر الدين المميزة دائمًا (وإن كانت تكرر الطابع نفسه عامةً في رسومه لدار الحدائق) والمنسجمة تمامًا مع روحية النص وجوّه الشعبي وذكريات الماضي. كل صورة هي لوحة جميلة تعكس فرحة اللحظة وبراءتها، بألوانٍ تظاليلها باهتة بعض الشيء، وكأنها الطفولة مرّ عليها الزمن. يلفت استخدام الفنان لبعض الألوان الأساسية بشكل مميز، كالأصفر الفاقع وهو ثوب الفتاة، والأحمر والأزرق، جاعلًا بعض عناصر الصورة تظهر بشكل بارز.
إنتاج الكتاب مميز، من حيث إخراج الصفحات، واختيار البنط الجميل والملائم والمقروء في آن، وانتقاء الورق المناسب، ومن حيث الطباعة الجيدة. جودة دون بذخ، كما هي الحال في السنوات الأخيرة مع دار الحدائق.
هب